بقدر ما انا واثقة و متاكدة من صعوبة الحياه في العشوائيات و الاحياء الشعبية, الا اتي دايما ب اشوف فيهم جمال في بساطة الحياه و خشونتها معا..بالاقي عقلي في تناقض يشغلني عن اي حاجة غير اني اظل اشاهد اللي حواليا وانا منبهرة و مبتسمة من جوايا.
كل البيوت هنا نش مكتمل بنائها؛ مبنية بطوب احمر ربما يكون ققد صلابته, و طبعا كلها من غير اسقف متينة, في الاغلب عبارة عن قطعة خشبية علي شكل مستطيل محطوطة كانها سقف, و لو فيه اي فراغان او فتحات, بيتم سدها ببعض الكراكيب و الحاجات اللي هما شكلهم بدل ما يرموها بيستخدموعا للغرض ده. طبعا الفتاحات مش مقفولة باحكام و انا متاكدة ان المطر بيغرقهم او بيكونوا مطريين يحطوا جردل تحت اماكن الثقوب عشان الماية متغرقش البيت البسيط..في ما بالك الهواء في البرد القارس في الشتاء...البيوت البسيطة ديه هما بيسموها البيت و الماوي؛ المكان اللي لما يكونوا عايزيين يحسوا بالامان و الدفا بيروحوه..بستغرب ايجادهم لبعض من "الامان" ورا الحياطان المتشققة و المكان اللي انا و انتوا ممكن نهرب منوا بحثا عن الدفا و الامان.
مريت بالهدوم المنشورة علي الحبل و اندهشت من التقنية الفنية الموحدة في جميع انحاء المنطقة اللي خليتني مبتسمة و حاسة بسعادة بسيطة ناتجة عن شي بسيط شوفته..لقيت ان كل البيوت بتتشر قطع الملابس الكبيرة علي اخر حبل غسيل. و الاحجام تصغر بالتدريج كل لما تقرب من اول حبل, اللي في الاغلب بيكون منشور عليه شرابات صغيرة مقاسها يتحدث كثيرا عن افراد الاسرة اللي في البيت ده.
و كانت كل التناقض بين اللي انا شيفاه و حاسة بيه..اشوف المنظر الاقي جماله في بساطته , بس لما اتامل اكتر بلاقيه في بلاقي ان جمله في تحمل الناس البسطاء لكل الصعوبات ديه و ازاي هما مش شايفيين غير الشقي و التعب في اللي هما عايشينه..و احنا كناس مرتاحين شايفين في الصعوبة و البساطة بعضا من الجمال.
الحارات الضيقة جدا و مليانة طين و دايما مبلله فيها حاجة غريبة. حسيت ان فيها دفي اكتر من البيوت البسيطة اللي حواليها من الجانبين..الواحد مايعرفش يمشي في الحارات ديه الا لما يدوس في الطين, بس مش مهم لان الحارات جوها مختلف, و ريحتها ب-تدي امل..بين كل بيتين قصاد بعض تلاقي زينة ورقية ملونة كانها علامة صداقة بين البيتين دول..تخيلت الاطفال و هما بيعلقوا الزينة ديه و البشاشة مالية وجوههم كانهن مستنين يشوفوا شئ من السحر.
مش دايما باكون عارفة معني السعادة الحقيقية و لا لحظة وجودها, بس متاكدة تماما انها كانت موجودة في اللحظة اللي تم وضع الزينة فيها.
في الحارات الضيقة لازم تمر باطفال بيلعبوا مع بعض اللعبة المشهورة "خلاويس" او طبعا كورة شراب. لةلا بس ان الاطفال كانوا بيلعبوا حافين مش بشراب ولا حاجة..ماكنش فارق معاهم ان الارض مليانة طين و قاذورات لان وشوهم كان بيقةل انهم مستمتعين جدا و ميسوطين و هما بيلعبوا مع بعض. ف اكيد مش هيسيبوا حاجة تقف قدام متعتهم مهما كانت..
وشوشهم نحيفة, عليها علامات قلة النغذية و التعب, بس الفرحة و السعادة اثناء اللعب كانت بتخبي كل ده. .صوت ضحكاتهم كان ليه صدي صوت بين الحيطان المتاهلكة و البيوت الصغيرة زي ما يكون بينشر الفرحة في كل المكان. ابتسامتهم كان فيها دفا و عينهم فيها شرارة امل بالرغم من ان الحياة بالتاكيد قاسية جدا عليهم في سنهم الصغير.
الناس في الاحياء الشعبية و العشوائيات بسطاء جدا و طيبين. وشوشهم بتحاول ماتكونش شاكية مع انهم اكيد من جواهم شايلين هموم علي الدنيا علي اكتافهم..تعرف كل ده من الكرمشة و التجاعيد و تلاقي ورا كل تجعيدة هم, او دين او مشكلة كبيرة..تحس كل كرمشة في وشوهم وراها حكاية طويلة ياما حاكوها عشرات المرات لحد لمل صوتهم اتنبح و الوقت مر و ظهر الزمن في علامات في وجوههم
العشوائيات متعرفش الترف, لكن الجمال و البساطة. العشوائيات متعرفش الملجا و الماوي, لكن الدفئ. العشوائيات متعرفش الثروة و الغني لكن النعمة و الشعور بيها. العشوائيات متعرفش العبس لكن الابتسامة. العشوائيات متعرفش اللعن و الشكوي , لكن البركة..العشوائيات متعرفش المسكن الامن, لكن "الامان".
Comments
Post a Comment